Sunday 30 October 2011

ارباب العمل يطالبون ايضا بزيادة الحد الادنى.... لاجورهم

يتصدر موضوع مطالبة الاتحاد العمالي العام بزيادة الاجور و التقديمات الاجتماعية قائمة الاهتمامات و التصريحات، سواء لدى المسؤولين الحكوميين المعنيين، او لدى ممثلي ارباب العمال و الهيئات الاقتصادية (اتحاد الغرف، جمعية الصناعيين، جمعية تجار بيروت،...)، و اتى قرار الحكومة " الملتبس" ليزيد الفجوة بين مختلف الفرقاء بدل من ان يردمها، و اجمع الكل على رفضه: فمن جهة لم يرض المطالب العمالية العالية السقف، و اطاح بآمال الهيئات الاقتصادية التعويض عن تناقص النمو الاقتصادي في الفصل الاخير من العام 2011 من جهة أخرى، ووضع معالي وزير المالية السيد محمد الصفدي في موقف شبه مستحيل لتمويل هذه الزيادة المقترحة.
من هنا يشكل قرار مجلس الشورى برد مشروع مرسوم زيادة الاجور "لعيوب وردت فيه" فرصة نادرة قد لا تتكرر لمراجعة موقف الحكومة، بالتوافق مع الاتحاد العمالي و الهيئات الاقتصادية، بما يتناسب و القدرات و الموارد –على قلتها- المتاحة للجميع، آخذين بعين الاعتبار الحقائق التالية:
  - ان اي زيادة على الاجور لن تطلق عجلة الاستهلاك كما يفترض الاتحاد العمالي خاصة اذا تمت الموافقة على السقف العالي للمطالب العمالية الحالية، بل ستطلق العنان لموجة من التضخم يصعب السيطرة عليها، و ستنعكس سلبا على تنافسية القطاع الخاص و العجز المزمن للقطاع العام، و امثلة التاريخ القريب و البعيد خير دليل على ذلك.
- ان اي زيادة على الاجور لن تترجم عبئا على كاهل صاحب العمل بما يوازي فقط القيمة النقدية لهذه الزيادة، بل سيضاف عليها زيادة في رسوم الضمان الاجتماعي و التقديمات الاخرى (المساعدات المدرسية و بدل النقل)، و تسويات نهاية الخدمة (التي اصبحت تهدد جديا بافلاس كافة مؤسسات القطاع الخاص) ، دون ان ننسى ارتفاع قيمة الايجارات بنفس نسبة زيادة الحد الادنى للاجور، و دون ان نغفل حقيقة اكيدة ان الحكومة مضطرة لفرض ضرائب اضافية لتمويل هذه الزيادة (زيادة ضريبة القيمة المضافة هو الخيار الاوفر حظا) ما يعني ايضا ان اي زيادة مطروحة للاجور سيبتلعها التضخم قبل ان يتمتع بها العمال.
- ان اي زيادة على الاجور يجب ان تأخذ بعين الاعتبار ان اكثر من 90% من ارباب العمل اللبنانيين هم من  اصحاب المؤسسات الصغيرة و المتوسطة، و تعتبر ارباح مؤسساتهم بمثابة اجر لهم، فبعد اقتطاع الضرائب و الرسوم و الاكلاف التشغيلية اللا معقولة التي يتكبدونها، و اضافة الزيادة المقترحة باي نسبة كانت، ماذا سيتبقى لاصحاب المؤسسات من الارباح التي تشكل اجورهم ؟؟
 آخذين بعين الاعتبار انهم لا يتمتعون بضمان اجتماعي، او ضمان صحي، او مساعدات مدرسية او بدل نقل او اي نوع من انواع الحماية الاجتماعية !! الا يحق لهذه الشريحة الاساسية من المجتمع اللبناني المطالبة و بالحاح برفع مستوى "اجورها" و "تقديماتها الاجتماعية
كل ماتقدم لا يجب ان يفسر كانكار لاحقية مطالب العمال بتحسين مستوى و ظروف معيشتهم، بل ان الهدف الاساسي لهذا المقال يرمي الى الاضاءة على حقيقة عدم تناقض مصالح الشركاء الاجتماعيين (حكومة، عمال و اصحاب عمل) بل تلازمها في المطالبة بتحسين الاوضاع المعيشية و الاجتماعية لكافة شرائح المجتمع اللبناني، و هذا الهدف لن يتحقق سوى عن طريق زيادة الانتاجية و تحرير الاقتصاد من العوائق التي تكبله، و دعم القطاعات الانتاجية القادرة على خلق النمو و تأمين فرص العمل و الحد الادنى اللائق للعيش الكريم، و عبر تخفيف الاعباء على كاهل المواطن اللبناني (سواء كان عاملا او من اصحاب الاعمال) من جراء تكبدهم لفاتورتين عن كل من الخدمات الاساسية التي يحتاجونها. لذا ندعو قيادات الاتحاد العمالي و على رأسهم الصديق القديم و رفيق السفر المزمن السيد غسان غصن الى ضم الصوت الى مطالب الهيئات الاقتصادية بايلاء الشأن الاقتصادي الاولوية المطلقة، و اقرار ميزانية 2012 في اقرب وقت ممكن بعد تضمينها سلة من الحوافز و التشريعات و الاعفاءات التي من شأنها اعادة عجلة النمو الى سابق عهدها، و بالتالي تحقيق مطالب العمال و اصحاب العمل على حد سواء...