Wednesday 4 September 2013

التنمية المستدامة:العمل اللائق و الوظائف "الخضراء" - مجلة الشؤون الاقتصادية 8\2013

 
 
انعقدت اعمال الدورة 102 لمؤتمر العمل الدولي في قصر الامم المتحدة - جنيف ، الاتحاد السويسري، صباح يوم الاربعاء 5\6\2013، برئاسة معالي السيد نضال قماطين، وزير العمل الاردني، مباشرا كالعادة بالجلسة الاجرائية لانتخاب هيئة رئاسة المؤتمر، و التي جاءت على الشكل التالي:
- السيد ريتيس بالاسكاس نائب رئيس المؤتمر عن فريق الحكومات (ليتوانيا).
-  السيد محمد رحمن نائب رئيس المؤتمر عن فريق اصحاب الاعمال (بنغلادش).
- السيدة مارتيزا هيرنانديز نائب رئيس المؤتمر عن فريق العمال (جمهورية الدومينيكان).
- معالي السيد عبد الرحمن ضرار رئيس فريق الحكومات (السودان).
- السيد دانيال فوينتس دلا ريوخا رئيس فريق اصحاب الاعمال (الارجنتين).
- السيد لوك كورتيبيك رئيس فريق العمال (بلجيكا).
 قد مثل الدولة اللبنانية وفد ثلاثي التكوين ترأسه  سعادة سفير لبنان لدى منظمات الامم المتحدة في جنيف نجلا رياشي عساكر، و عضوية كل من السادة سمير عون (رئيس اللجنة الفنية في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) نبيل سمعان ، احمد عرفة و هاني الشعار (بعثة لبنان لدى الامم المتحدة)، السيد سعيد حمادة ( المنسق العام للانشطة في جمعية الصناعيين اللبنانيين)، المهندس منير البساط (اتحاد غرف التجارة الصناعة و الزراعة اللبنانية) و السيدة اريج نصر (جمعية الصناعيين اللبنانيين) ، السيد جوزيف صادر (نقيب اصحاب المطابع) و فؤاد بلبول (جمعية الصناعيين اللبنانيين) عن فريق اصحاب الاعمال، و السادة  غسان غصن رئيس الاتحاد العمالي العام، حسن فقيه  سعدالدين حميدي صقر، بطرس سعادة، علي ياسين، عبد القادر فاكهاني، مالك مملوك عن الاتحاد العمالي العام.
 و تداول المشاركون في المؤتمر العديد من المواضيع الاساسية، و التي تمس بشكل مباشر شؤون العمل و العمالة ، ان عبر مناقشة تقارير المدير العام لمنظمة العمل الدولية معالي السيد غي رايدر بعنوان نحو مئوية منظمة العمل الدولية: الحقائق و التجدد و الالتزام الثلاثي، بالاضافة بالطبع الى مختلف الامور الاجرائية، الادارية و المالية المختصة بعمل المنظمة و انشطتها، بالاضافة الى مناقشة عدة مواضيع متعلقة بشؤون العمل: لجنة تطبيق المعايير، لجنة العمالة و الحماية الاجتماعية في السياق الديموغرفي الجديد، لجنة التنمية المستدامة و العمل اللائق و الوظائف الخضراء،و لجنة الهدف الاستراتيجي المتعلق بالحوار الاجتماعي (مناقشة ثانية) .
 

 تقرير المدير العام: الحقائق و التجدد و الالتزام الثلاثي

التقرير الاول المقدم من مدير عام منظمة العمل الدولية، السيد غاي رايدر، بعد انتخابه العام الماضي، يتصدى للتطورات و التحديات الكبرى المطروحة في عالم العمل، و يتناول الدور الذي يتعين على منظمة العمل الدولية ان تضطلع به في القرن 21.
فقد استهلت منظمة العمل الدولية تاريخها بانضمام 44 دولة عضوا اليها في العام 1919، اما اليوم، فتتمتع المنظمة بعضوية شبه كاملة من 185 دولة في العالم. و قد اظهرت المنظمة مرارا و تكرارا، خلال 94 عامامن تاريخها، الكثير من الروح الابتكارية و القدرة الاستثنائية على التكيف مع الظروف المتغيرة. و ثابرت المنظمة، من خلال عدة وثائق و اعلانات على كونها العين الساهرة لتذكير المجتمع الدولي بانه لا يجب اهمال التقدم الاجتماعي و احتلاام العدالة الاجتماعية، من اعلان فيلادلفيا 1944، و اعلان المبادئ و الحقوق الاساسية في العمل 1998، وصولا الى الاعلان بشان العدالة الاجتماعية من اجل عولمة عادلة 2008.
و اهم ما استخلصته المنظمة من دروس الماضي، هو ان مستقبلها يعتمد على التجدد المستمر في وجه الوقائع المتغيرة و الالتزام النشط لهيئاتها الثلاثية التكوين بقيم و اهداف ثابتة لا تتغير. و على امتداد الزمن ، قاومت منظمة العمل الدولية الضغوط الرامية الى تحويلها عن هذه القيم الثابتة، مؤكدة عزمها على الاستمرار في سلوك هذا السبيل.
و قد حدد رايدر اولويات المنظمة للمئوية القادمة على صعيدين اثنين:
1-    تجهيز منظمة العمل الدولية: التحديات المؤسسية.
تحتاج منظمة العمل الدولية الى ايلاء اهتمام جدي لعدد من التحديات المؤسسية العالقة اذا كانت تسعى بان تتمتع بافضل الفرص للقيام بعملها على احسن وجه في بيئة سريعة التغير. و قد عرف هذه التحديات بـ ثلاثية التمثيل و الشرعية التمثيلية للمنظمات الحكومية و اصحاب العمل و العمال، و المعايير كونها ميزة من مزايا المنظمة و الحاجة المتكررة الى تنفيذ هذه المعايير بوصفها اهم ادوات تحقيق اهداف المنظمة، و الحاجة الى المزيد من التنسيق و التعاون مع كافة المنظمات الدولية و السعي الى تحقيق اهداف و مبادرات مشتركة فيما بينها ( WTO , UNDP, UNIDO, IMF,…).
2-   مبادرات مئوية منظمة العمل الدولية.
 حيث حدد تقرير المدير العام 7 افكار لمبادرات مئوية مظمة العمل الدولية
1-    مبادرة الادارة الرشيدة لمنظمة العمل الدولية.
2-    المبادرة " الخضراء" لتنفيذ العمل اللائق و التنمية المستدامة.
3-    مبادرة المعيير لتعزيز التمثيل و التوافق الثلاثي.
4-    مبادرة المنشآت لانشاء ارضية مشتركة لتعاون المنظمة مع المنشآت الانتاجية.
5-    مبادرة القضاء على الفقر.
6-    مبادرة المرأة في العمل.
7-    مبادرة مستقبل العمل.
 و قد تبرز الحاجة الى ادماج هذه المبادرات في ادوات البرمجة في المنظمة، حيث ستشكل فرصة حقيقية لتوفير توجيه استراتيجي و مضمون لمنظمة العمل الدولية، و هي علة قاب قوسين من الاحتفال بمئويتها، و لاستحداث وسيلة لحشد الهيئات المكونة من خلال تحديد اهداف هذه المئوية.
 
العمل اللائق و الوظائف "الخضراء":
لا يشكل الاقتصاد الاكثر احتراما و ملائمة للبيئة، كوسيلة لتحقيق التنمية المستدامة، خيارا للدول و الاقتصادات العالمية بل ضرورة حتمية لها، فقد كان من شأن تزايد استخدام الموارد الطبيعية بصورة عشوائية و ارتفاع معدلات التلوث، بما فيها انبعاثات الغازات الدفينة، الحاق الضرر الشديد باقتصادات العديد من الدول، و ادى الى تهديد جدي للكثير من المكاسب المحققة في التنمية خلال العقود الماضية. و للدلالة على ذلك، لا بد من ابراز حقيقة ان القطاعات الاشد تضررا من التغيرات المناخية و التلوث البيئي كالزراعة،الثروة الحرجية، و صيد الاسماك على سبيل المثال لا الحصر، تستخدم ما يزيد عن المليار انسان في العالم، دون نسيان حقيقة ان ما نشهده حاليا من تغيرات مناخية شديدة (اعاصير، امطار، سيول،...) لها صلة مباشرة بتراكمات التلوث البيئي (الغازات الدفينة و الانحباس الحراري و ارتفاع معدلات درجات الحرارة،...) افضت الى خسائر مباشرة في الارواح و الممتلكات و الوظائف و المداخيل.
لذا، اصبح من واجب الحكومات، ان تدعم و تروج  لخلق بيئة مؤاتية تعزز اعتماد ممارسات "خضراء"، في مكان العمل، و الاستثمار في منتجات و خدمات جديدة مراعية للبيئة. غير ان هذا الانتقال قد ينطوي على خسائر و مكاسب في العمالة، لا سيما عند بدء التحول الشامل في نموذج التنمية الاقتصادية لكبرى الشركات او القطاعات الانتاجية او البلدان.
و قد اكدت العديد من الدراسات الدولية، و الخبرات المتراكمة من تجربة العديد من الدول و المنشآت الانتاجية، انه يمكن تحقيق مكاسب لا يستهان بها في زيادة "كمية" و "نوعية" العمالة كنتيجة مباشرة لتطبيق سياسات بيئية في كافة القطاعات، و الملفت ان نسب المكاسب اعلى في الاقتصادات الناشئة و الدول الناميةمنها في البلدان الصناعية المتقدمة، و مع مواكبتها بسياسات اجتماعية لحماية سوق العمل، يمكن التخفيف الى حد كبير من الآثار السلبية المحتملة لهذه الاصلاحات. و تلخصت هذه المكاسب بـــ: توليد المزيد من الوظائف، تحسين نوعية الوظائف الموجودة، و تقدم الادماج الاجتماعي و توفير فرص عمل افضل للنساء، زيادة الانتاجية و الربحية، و الاستثمار في تقنيات و تكنولوجيات حديثة خاصة في قطاع الطاقة المتجددة.
و قد دعت الوثيقة الختامية لمؤتمر ريو +20 و اتفاقات كانكون بشأن التغير المناخي، و بروتوكول كيوتو لتخفيف الانبعاثات، جميعها الى ان يكون توفير العمل اللائق للجميع و الانتقال المنصف الى اقتصادات منخفضة الكربون هدفين اساسيين و محركين دائمين للتنمية المستدامة، و تهدف المداولات و اعمال العديد من اللجان الفنية خلال الدورة 102 لمؤتمر العمل الدولي الى توفير فرصة فريدة لتحديد الاولويات في عالم العمل، و ترجمة الارادة السياسية للتنمية المستدامة الى واقع ملموس.

التنمية المتوازنة..و تطلعات الشباب -الدورة 40 لمؤتمر العمل العربي


 

انعقدت اعمال الدورة 40 لمؤتمر العمل العربي في فندق  الاوراسي - الجزائر- ،جمهورية الجزائر الديموقراطية الشعبية  صباح يوم الاثنين 15\4\2013،برئاسة معالي الاستاذ \الطيب لوح، وزير العمل (الجزائر)، مباشرا كالعادة بالجلسة الاجرائية لانتخاب هيئة رئاسة المؤتمر، و التي جاءت على الشكل التالي:


-  معالي الاستاذ  خالد الازهري  نائب رئيس المؤتمر عن فريق الحكومات (مصر).

- السيد خليفة مطر نائب رئيس المؤتمرعن فريق اصحاب الاعمال(الامارات العربية المتحدة)

- السيد غسان غصن نائب رئيس المؤتمر عن فريق العمال (لبنان).

- معالي الاستاذ نصار الربيعي  رئيس فريق الحكومات ( العراق).

- السيد محمد نايت عبد العزيز  رئيس فريق اصحاب الاعمال (الجزائر).

- السيد اسلام سناء مقررا لفريق اصحاب الاعمال (منظمة العمل العربية).

- السيد محمد الطيب حمارنية رئيس فريق العمال (الجزائر).

- السيد رجب معتوق مقررا لفريق العمال (الاتحاد الدولي للعمال العربي)

 و قد شارك في اعمال المؤتمر 309 اعضاء يمثلون فرقاء الانتاج الثلاث في 20 دولة عربية، اضافة الى مشاركة ممثلي الامانة العامة لجامعة الدول العربية و عدد من المنظمات العربية، الاقليمية و الدولية بصفة مراقب.

و قد ترأس الوفد اللبناني الى المؤتمر الاستاذ محمد رمال، رئيس مصلحة القوى العاملة في وزارة العمل عن فريق الحكومات و مثل فريق اصحاب الاعمال في لبنان الشيخ سعيد حمادة، منسق عام انشطة مؤتمرات العمل العربية و الدولية في جمعية الصناعيين، المهندس منير محمد كنانة البساط مستشار اتحاد الغرف لشؤون مؤتمر العمل العربي والدولي، اما وفد العمال فقد ضم كل من السيد غسان غصن رئيس الاتحاد العمالي العام، سعدالدين حميدي صقر امين عام الاتحاد ،و السادة  شربل صالح و علي ياسين مستشارين .و قد  صدر في ختام المؤتمر قرارت و توصيات عدة بخصوص المواضيع المطروحة في جدول الاعمال،  خصوصا في قرارت مجلس الادارة و متابعة تنفيذ قرارات المؤتمر في الدورات السابقة، و الموافقة على خطط عمل المنظمة للعامين  ، مع اقرار الحسابات الختامية لمكتب العمل العربي و المنظمات التابعة للعامين 2011 و  2012، كما فاجأ المدير العام للمنظمة، معالي الاستاذ احمد لقمان المؤتمر العام بتقديم استقالته حيث تدخل حيز التنفيذ نهاية مؤتمر العمل العربي المقبل في دورته الـ 41.

 

تطور مفهوم التنمية:

كشفت التغييرات الجوهرية في الظروف و الاحوال الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية منذ منتصف القرن الماضي عن تعدد التوجهات و الدراسات، و التي عكست الاهتمام العالمي بالتنمية بابعادها المختلفة على مستوى الحكومات و المنظمات الغير حكومية.

ففي المراحل الاولى، جاء الاهتمام بالنمو الاقتصادي الوطني للتوصل الى اوضاع مماثلة للاوضاع الاقتصادية القائمة في الدول المتقدمة من خلال مؤشرين :الدخل الفردي و معدل نمو الدخل القوميGDP  الا ان شواهد عديدة اثارت شكوكا حول مصداقية التحقق الفعلي للتنمية الاجتماعية عند تحقيق النمو الاقتصادي فقط، اذ صاحب ذلك اتساع الفجوة بين مداخيل فئات المجتمع الواحد في بعض البلدان، و لم تؤد بالضرورة الى تحسن المستوى المعيشي او القدرة الشرائية خاصة لاصحاب المداخيل الدنيا.

كما اكدت العديد من الدراسات ان لتدعيم التعليم و الخدمات الصحية و الاجتماعية في الدول النامية اثرا اكثر ايجابية  في تحريك و استدامة عملية النمو الاقتصادي، و استنتج المحللون ضرورة التركيز على الجوانب غير الاقتصادية للتنمية كاهداف هامة في حد ذاتها يتعين تلازمها مع التنمية الاقتصادية.

 

اتجاهات التنمية على المستوى العربي:

تستجيب اغلب توجهات التنمية على المستوى العربي لمطالب المؤسسات المالية و آليات السوق الحر، كما تلتزم بتنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية العالمية، و التي غالبا ما تكون نتيجة لشروط و توصيات الاقتراض من المنظمات المالية الدولية.

و تحت تنامي ضغوط الديون و اعباءها، تأتي اولوية السياسات ذات المردود الاقتصادي المباشر، و يصبح من الطبيعي تأجيل برامج الخدمات الاجتماعية  الى مرحلة تالية. فتمت التضحية بالعدالة الاجتماعية و انكمشت السوق الداخلية و صاحب ذلك تدهورفي مستوى التنمية البشرية، و الغاء دعم الدولة للسلع الغذائية الرئيسية، و تدني الطلب العام و الاستهلاك، و استفحال معدلات البطالة، و بوجه عام انخفض مستوى التنمية الشاملة المستدامة.

 

بناء لما تقدم، يمكن استنتاج اهمية قيام الدول العربية بمراجعة سياساتها و توجيهها نحو الآتي:

1-  تبني استراتيجية وطنية عاجلة تعمل في المدي القصير على تامين فرص العمل اللائق للشباب المتعطل للحد من شدة البطالة و من تنامي مشكلة الفقر، مع توجيه القوى العاملة للمجالات التي تتفق و احتياجاتالمجتمع و الاصول الانتاجية المتوافرة.

2-  ارساء بنية سياسية ديمقراطية تتيح تفعيل دور السلطة التشريعية و الرقابة لمكافحة اهدار الموارد و توسيع المشاركة لتشمل مختلف مؤسسات المجتمع المدني.

3-  دعم الانفاق على الخدمات الاجتماعية و تدعيم الامكانات و القدرات البشرية.

4-  تفعيل دور الدولة الاقتصادي، خاصة في مجال التصنيع و تشغيل شباب القوى العاملة.

بهذا تتأكد على المستوى العربي حتمية تفعيل و تلازم التنمية الاجتماعية مع التنمية الاقتصادية، و العمل الجماعي الهادف الى رفاهية المجموع  التعاون بين افراد المجتمع جميعا.