Wednesday 25 May 2011

الصناعات الغذائية بين الماضي و الحاضر: حقائق و ارقام -المؤتمر العربي لسلامة الغذاء، فندق فينيسيا -بيروت 11\6\2006

يعود تاريخ التصنيع الغذائي في لبنان إلى العهد القديم منذ كان سهل البقاع  اللبناني يعرف ب "إهراءات روما" في العصر الروماني . فنظرا للطبيعة المعتدلة و التنوع المناخي الذي يعرف به لبنان و الصالح لانتشار و ازدهار الكثير من الزراعات التي اشتهرت بجودتها و نوعيتها الفائقة، تنوعت المحاصيل الزراعية من الحبوب، إلى كافة أنواع الفاكهة المثمرة و الخضار و الزيتون، حتى ينابيع المياه المتدفقة. و مع ازدياد المحاصيل و تنوعها، كان لا بد من نشوء قطاع للتصنيع الغذائي، و إن كان بدائيا و تقليديا. فكل منزل في أي قرية لبنانية كان ملما بأصول " المونة" أو تصنيع المنتجات الزراعية التي تكثر في فصول معينة، لاستهلاكها في فصول أخرى من السنة يكون انتاجها قليلا أو معدوما: فنشأت صناعات تقليدية مثل المربيات، المخللات، و رب البندورة و زيت الزيتون و العرق و النبيذ، حتى تقديد اللحم و تجفيفه، دون أن ننسى الخبز و الألبان و الأجبان،....

 مع هذا التراث العريق، كان لابد من تطور قطاع للصناعات الغذائية المحلية، في مشاغل    صغيرة عائلية الطابع، لتلبية حاجات السوق المحلي، ما لبثت أن توسعت لتشمل الأسواق التصديرية القريبة مثل فلسطين و سوريا و دول الخليج العربي، و التصقت أسماء بعض العائلات اللبنانية بقطاعات معينة حتى باتت مرادفا لها. و بلغ القطاع ذروته قبيل اندلاع الحرب اللبنانية حيث كان المورد الأساسي للكثير من المنتجات الغذائية للأسواق العربية، بالإضافة بالطبع إلى المنتجات الزراعية الخام.

بلغة الأرقام، تعود أقدم الاحصائيات إلى العام 1986 حيث كان عدد المؤسسات العاملة في قطاع الصناعات الغذائية و المشروبات حوالة 1260 منشأة، و كان الأكبر من حيث عدد المؤسسات   من أي قطاع آخر (25%) ، و تضاعف هذا الرقم إلى 3438 مؤسسة عام 1995، حتى وصل إلى ما يقارب ال 4800 مؤسسة في آخر إحصاء أجرته وزارة الصناعة عام 2000. و من أهم ميزات هذا القطاع:
- معظم المؤسسات العاملة هي مؤسسات عائلية و صغيرة الحجم، فحوالي 84% منها يشغل ما بين ال 10 و ال25 عامل فقط،  و حوالي ال 41 مؤسسة – أي 1%- يضم أكثر من 250 عامل.
    -  يشغل هذا القطاع حوالي 25% من اليد العاملة في القطاع الصناعي برمته، و هو يحتل المرتبة الثالثة بعد قطاعي الصناعات الورقية و المفروشات.
    - 40% من الشعب اللبناني مرتبط مباشرة بالقطاع الزراعي و الخدمات التابعة له – ترتفع هذه النسبة إلى 80% في محافظة البقاع، لذا يعتبر قطاع الصناعات الغذائية من القطاعات ذات القيمة المضافة الأعلى محليا و التي تتراوح ما بين ال 55% و ال 80%
   - طاقة انتاجية تعادل 26% من الانتاج الصناعي العام تعادل ما يزيد عن المليار دولار اميركي سنويا، و تساهم ب 18% من الناتج المحلي العام.
   - تحتل المرتبة الثانية من حيث قيمة الصادرات بعد قطاع الصناعات الورقية (190 مليون دولار 2005 او 12% من اجمالي قيمة الصادرات). 
صادرات الصناعات الغذائية: قصة نجاح
يعكس هذا السطر الاخير مدى نجاح الصناعات الغذائية اللبنانية في الانتشار في الاسواق التصديرية التقليدية (الدول العربية، الولايات المتحدة، و معظم الدول الاوروبية)، بالاضافة الى بعض الاسواق الجديدة في دول شرق آسيا و اوروبا الشرقية، حيث تصدر المنتجات الغذائية اللبنانية الى ما يزيد عن ال 75 بلدا مختلفا.
و لهذا النجاح اسباب و مقومات اساسية اهمها:
- خصوصية المطبخ اللبناني و ما له من شهرة اقليمية و عالمية لتمتعه بخصائص غذائية كاملة، و جودة و نوعية لا تضاهى.
- اقتران المنتج الغذائي اللبناني بمستوى عال من الجودة و النوعية لدى المستهلكين، مما ساعد على سرعة انتشاره و حصوله على حصة كبيرة من الأسواق التي ينشط فيها.
- الانتشار اللبناني بشكل خاص، و العربي بشكل عام في مختلف بقاع العالم، مما ساهم بالتعريف بالمنتج الغذائي اللبناني بشكل واسع، و شكل سوق استهلاكية مهمة.
- ازدياد نسبة استهلاك الغذاء اللبناني بين الجاليات غير العربية او اللبنانية في الاسواق التصديرية التقليدية و الغير التقليدية.
- الاستفادة من انفتاح اسواق غير تقليدية للنفاذ اليها بالمنتوجات الغذائية اللبنانية. (الصين، اليابان، الهند،...).
- توافر المواد الأولية اللازمة لهذه الصناعة و  سهولة الحصول عليها، سواء تلك المتوافرة محليا، أو المستوردة من مصادر عربية و أجنبية، و تمتعها بنوعية و خصائص طالما ميزت المنتج الغذائي النهائي (المربيات، النبيذ، المخللات،....).
- توافر الموارد البشرية  و خصوصا الماهرة منها، نظرا لتعدد الكليات المعاهد الجامعية التي تؤمن المقررات الدراسية في حقل الزراعة و التصنيع الغذائي و علوم الغذاء.
صادرات الصناعات الغذائية: العقبات و المشاكل
المميزات المذكورة اعلاه لا تعني ان قطاع الصناعات الغذائية يخلو من المشاكل و الحواجز التي تعاني الصناعة اللبنانية ككل، فالاكلاف التشغيلية المرتفعة حرمت الصناعات الغذائية المحلية من هامش كبير من مميزاتها التنافسية، و أدت إلى خسارتها الكثير من حصتها في الاسواق التقليدية، بالاضافة الى كلفة التمويل  و خاصة التمويل الصناعي، و عدم توافر آليات تمويل مخصصة للمشاريع الصناعية، طويلة المدى و منخفضة التكاليف.
 قسم كبير من المخرجات الزراعية اللبنانية صالح للاستهلاك المباشر، و لكنه غير مناسب للتصنيع، و تعاني الزراعة من عدم توافر الإرشاد الزراعي المطلوب لاستبدال هذه الزراعات بأخرى صالحة للتصنيع. دون ان ننسى صغر السوق المحلي التي لا يتعد الاربعة ملايين مستهلك، تتآكل قدرتهم الشرائية باستمرار، مما  يلقي بأعباء إضافية على الصادرات الصناعية اللبنانية.
صادرات الصناعات الغذائية: خطة النقابة
خصصت النقابة في خطتها الاستراتيجية عدة مبادرات تعمل باتجاه تطوير صادرات قطاع الصناعات الغذائية اللبنانية، و توسع حصتها في الاسواق الخارجية، من اهم بنودها:
-       تفعيل ثقافة التصدير لدى المؤسسات الصناعية من خلال المشاركة في تنظيم مبادرات تسويقية مشتركة بين هذه المؤسسات، كتأسيس مجلس لتنمية الصادرات او تجمع لمصدري الغذاء اللبناني او ما يشابهه.
-       الربط ما بين اعضاء نقابة اصحاب الصناعات الغذائية  و مختلف شبكات توزيع الغذاء الاقليمية و الدولية، و توجيه  المؤسسات الصناعية لتوائم منتجاتها و خدماتها مع حاجات هذه الشبكات، خاصة مع بروز قوى جديدة في هذا المجال على الصعيد المحلي و الاقليمي.
-       المشاركة و بفعالية في المعارض الدولية و المتخصصة في حقل الغذاء، فمنذ العام 1998، و نقابة اصحاب الصناعات الغذائية تنظم و ترتب للجناح الوطني اللبناني في معارض SIAL  ، ANUGA، NewYork Fancy Food Show ، بالاضافة الى رعايتها لمعرض  HORECA   الدولي الذي يقام في لبنان، حيث بلغت ذروة هذه المشاركة الى 24 شركة مشاركة  في معرض SIAL 2004  .
-       تطوير التسميات الجغرافية و تأطيرها قانونيا بالتعاون مع وزارة الاقتصاد الوطني، و المطالبة بتأسيس المجلس الوطني للتسميات الجغرافية، مما يساعد على دفع الصادرات اللبنانية و تعزيز قيمتها.
-       اقامة شراكة مع المختبرات المحلية و الدولية و كليات التغذية المتخصصة في الجامعات اللبنانية المعنية  بابحاث الغذاء، و محاولة تقديم منتجات جديدة و تطوير منتجات موجودة اصلا في مكوناتها الاساسية او بطرق التعبئة و التغليف المستخدمة.
عند وضع خطتها الاستراتيجية، وضعت نقابة اصحاب الصناعات الغذائية نصب اعينها تحقيق رؤية واضحة المعالم لمستقبل الصناعات الغذائية في لبنان قوامها التالي:
"صنع في لبنان" تمثل مقياس عالمي للجودة يتكل على التكامل و التعاون بين مختلف الافرقاء المعنيين – القطاع الصناعي ، القطاع العام، معاهد الابحاث و الجامعات، الهيئات الغير حكومية - و يركز على خصوصية قطاع التصنيع الزراعي و مخرجاته ذات القيمة المضافة المرتفعة، مخصصة للاستهلاك في الاسواق المحلية و الاقليمية و العالمية، تنتجها مؤسسات صناعية لبنانية تحترم القيم الاجتماعية، الثقافية و العائلية للمجتمع اللبناني.








 


No comments:

Post a Comment